التكافؤ الاجتماعي والمادي

إن قضية التكافؤ الاجتماعي والمادي من القضايا التي ينبغي على كل من الرجل والمرأة أن ينظرا إليه بعين الاعتبار، وإن تجاهل ذلك تحت أي مسوغ قد ينجم عنه أضرار ومشكلات بعد الزواج. فلو أتينا إلى التكافؤ الاجتماعي من حيث الأنساب والمكانة الاجتماعية في المجتمع، فقد حكي خلاف للفقهاء في هذه المسألة يدل على أنهم جعلوا منها محلاً للنظر والاعتبار، وهي قضية خاضعة للعرف والعادات والتقاليد –وإن كان الدين هو المعيار الحقيقي- فلا بأس من مراعاتها حتى لا تستجد مع الأيام مشكلات بسبب هذا التفاوت الاجتماعي فيؤثر على استمرارية الحياة الزوجية، وقد أثر عن عمر -رضي الله عنه- قوله: "لأمنعنّ فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء"[المغني:7/371]، وتأمل ذلك في قصة زواج زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بن جحش الأسدية بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم-.
وأما بالنسبة للكفاءة المادية: فمن المعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته بالإنفاق، وذكر الفقهاء أن هذا الإنفاق بحسب وضع المرأة قبل الزواج بها –وإن كان فيه خلاف- فإن كانت من ذوي الأقدار، ومن بيت يسر وجاه فإنه يلزمه ما يلائمها؛ كالمسكن المناسب، والخادمة وغير ذلك، قال في المغني: "إذا كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها لكونها من ذوي الأقدار، أن يقيم لها خادماً، ولأنه مما تحتاج إليه في الدوام، فأشبه النفقة"[المغني:9/233]. وإن الزوج الذي لا يستطيع أن يلبي رغبات زوجته في هذه الحالة فإنها قد تشكوه لأبويها، أو تتضجر أو تتسخط فيؤثر ذلك على العلاقة الزوجية بينهما، ونخلص من هذا كله أن قضية التكافؤ الاجتماعي والمادي لها دور في إدامة الحياة الزوجية، ومن هنا فإن قضية التكافؤ الاجتماعي والمادي يجب أن تكون محل نظر واعتبار عند البحث عن شريكة العمر، فلا يتزوج ممن هي فوق مستواه المادي، فيعجز عن مسايرة وضعها ومستوى أهلها، فلا يجد بعد ذلك بداً من الفراق والطلاق، والوقاية خير من العلاج.